محمود حسو.. خصوبة اللوحة وعشق الالوان
دبي من أحمد خضر: محمود حسو ابن الطبيعة والسهول الخضراء والفطرة الصافية والروح النقية الذي تصفو رسوماته
إلى درجة تتبدى مثل قصيدة شعرية، يستشف في لغتها البصرية والسمعية عمق الأحاسيس والمشاعر والأحلام
التي تراود كل من يراها
معلقة على جدار الحياة، او سابحة في مروج الزمن البكر الذي تشرب من غدرانه طيور الوطن، عصافيره الشجية.
وهذا الفنان التشكيلي المتميز يعيش غربة متميزة كذلك، فهو يجسد في كل كيانه معنى الحرية والانطلاق
في الفضاء الرحب حيث يتألق البشر الأحرار، وبما أنه مسكون بالموهبة فإنه يخلو دائماً في مرسمه
باحثاً عن عناصر الجمال والإلهام
التي تسمو بروحه في فرحة الطفولة والبراءة والالتزام بالقيم والمبادىء الطليقة من كل قيد. إن هذا الفنان التشكيلي المولود
في سهول سوريا الشمالية الشرقية، تكشف لوحته عن الانتماء الصادق لخياراته الأولى، حيث التعلق بالأرض،
والخصوبة، ونبض الإنسان، وصبر الكادحين في أعماله المتميزة، إنه يتعمق في كيانه،
ومنذ اللقاء الأول تحس أن أعماله فياضة بالمشاعر،
والألوان الحبيبة إلى القلب قبل العين، إنه يهتدى من خلال رؤاه الفنية، وبصيرته الواعية التي تقدم الروائع المطرزة
بالحب والخير والصدق والجمال،
وهذا المزج الجميل بين الفن والقيم، والثقافة والجمال، وروح الطبيعة والمغامرة الفنية،
والواقعية والتجريد، جعل من هذا الفنان
يصحو وينام على حلم من التجدد الدائم، والقلق على مصير جمعي يعبر عنه من خلال الفن.
إن محمود حسو يستمتع بلذة الانبعاث من مجتمع زراعي مملوء بالسحر والأسطورة، والأعمال الخارقة،
التي يقوم بمداعبتها من خلال ألوانه المتقافزة على سطح اللوحة،
ويرخي أهداب عينيه على نوم عميق من الألم والمعاناة،
مستسلماً لصوته الداخلي العميق، لكنه يميل إلى التفاؤل، وقوة الإرادة، وطهر المضمون،
ذلك أنه يعتبر نفسه أميناً على معتقداته، ويسعى دوماً
إلى التميز وإثبات قدراته الرائعة. "رائحة الشمس" و"الفرح المؤجل" من المجموعات التي أنجزها
وتضم المجوعة الواحدة عشارات اللوحات،
وقد عرضت في الشارقة ودبي وأبوظبي وباريس، أما مجموعته الأخيرة "مدن الرماد" فقد عرضت بباريس أول مرة،
كما عرض جزء منها في عمان، وفي ثلاث مدن ألمانية.
وهو يقول: إنني أشتغل اللوحة دون أن أفكر بجمالية اللوحة، أو التسويق قبل المضمون، وإنسانية اللوحة،
ذلك أن الفن عمل إنساني وله قيمة رفيعة.
وهذا الفنان هو المشرف على رواق الشارقة للفنون، ذلك المكان الذي يتجمع فيه مجموعة
من الفنانين الإماراتيين والعرب والأجانب،
ليمارسوا إبداعاتهم الفنية، ويخططوا لبرامج تنفذ تحت إشراف دائرة الثقافة والإعلام،
وهناك برامج يتم تنفيذها على مدار العام،
حيث تعرض التجارب التي تستحق العرض، مع مراعاة التخصصات الفنية، معارض نوعية لا يجوز أن تتكرر.
إن الرواق عبارة عن مراسم فنانين مقيمين، والمكان مفتوح للتواصل الجماهيري،
وأهمية موقعه أنه جزء من منطقة الفنون بالشارقة،
أسوة بمتحف الشارقة، وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والمنطقة كبيرة فيها أكثر من مركز فني ومتحف.
إن الفنانين الموجودين في الرواق هم فنانون محترفون، منهم من يرسم كي تساعده اللوحة للعيش،
ومنهم من يرسم للاستمتاع بالمتعة الشخصية.
أما بخصوص الزوار، فإن جميع الجنسيات تتدفق على رواق الفنون،
وهناك مجموعات سياحية تقارب المئتي شخص أسبوعياً
حسبما أفاد محمود حسو على الأقل خلال الموسم السياحي بعضهم أجانب،
وكذلك من دول الخليج، والدول العربية.